لبنان …. و مسألة حذف الاصفار من العملة

       ان الازمات في القطاعات الاقتصادية دائمة الحدوث، وذلك للتغير الدائم للاوضاع السياسية والاجتماعية والتطور التكنولوجي وتوسع الاسواق وغيرها، وتختلف طرق مواجهة هذه الازمات وفق حدتها ومدى انتشارها، ولعل اشد الازمات الاقتصادية تلك التي تضرب قطاعي المال والنقد، لاسيما انهيار العملة الوطنية، وقد برزت في ذلك خطوة حذف الاصفار من العملة كحل لهذا اللنهيار، فما هي ايجابيات وسلبيات هذه الخطوة؟ وهل يكمن من خلال ذلك حلا لما يشهده لبنان من انهيار منذ سنوات عديدة؟

      تحمل هذه العملية، وبشكل عام، عدة ايجابيات مرتبطة بحسن تطبيقها وبتغيير الواقع الاقتصادي الذي ادى الى هذا الانهيار، فقد تؤدي الى سهولة العمليات الحسابية ودقتها ووضوحها من حيث سهولة الحسابات والتقليل من الاخطاء والفوضى في التداول النقدي، كما وتنظيم التضخم على اسس جديدة، وتحديث النظام المالي والنقدي، وتقليل التكاليف بما يتلائم مع اصدار العملة الجديدة المعدلة، ان كانت بنفس الاسم او غير ذلك، مما يمكن له ان يؤدي الى تحسين الشفافية في التعاملات.

       الا ان بروز بعض السلييات الخطرة من خطوة حذف الاصفار، قد تؤدي الى فجوة كارثية في بعض الاحيان، كعدم فهم الجمهور لهذه العمليات، الامر الذي قد يأخذ الوضع العام الى بعض التعقيدات التجارية ، و بالتالي الى الاعتماد على عملة عالمية بالمقابل منعا للمخاطرة مرة اخرى، والذي قد يعيدنا الى نقطة الصفر، هذا ان لم ندخل في كلفة انتاج العملة الجديدة او المعدلة والاتفاقات مع المراجع الدولية، بما في ذلك اعادة تخديد احتياطي الدولة اللازم والكلفة الكبيرة التي ستتكبدها المصارف التجارية والاسواق المالية لاستيعاب ما حصل بالسرعة المطلوبة لاعادة الدورة الاقتصادية بسلاسة بعد برمجة الحواسيب والتعاملات وفق التغييرات المحدثة.       بالنسبة للوضع الحالي اللبناني، وبغض النظر عن فشل او نجاح خطوة حذف الاصفار في بلدان عديدة من العالم الحديث كزيمبابوي وايران وتركيا والبرازيل والمانيا (قيل دخول اليورو)، نلاحظ ان الوضع اللبناني بحاجة الى التغيير الجذري في بنيته الاقتصادية وقبل الخوص في تفاصيل الحلول، فلبنان يعاني من ازمة نظام سياسي واقتصادي على السواء وعلى مسؤوليه تحمل مسؤولياتهم والعمل لاعادة الدورة الاقتصادية الى سابق عهدها والحد من الهدر،كما واختيار طريقة جدية حديثة اقتصادية وسياسية لاعادة بناء ما تهدم منذ عدة سنوات لاسيما الثقة الداخلية و لخارجية، و من ثم النظر الى فاعلية هذا الحل من عدة حلول مقترحة.

د. خلدون عبد الصمد