لاشك انه و اقتصاديا، هذا العام هو الاسوء على لبنان منذ الاستقلال، و هذا ليس تحليلا ذاتيا، انما ارقاما لم نشهدها في تاريخ لبنان حتى في ظل الحروب، و هي ليست ارقاما انية حصلت بين يوم و ليلة، بل انها تراكمات عجز و فساد و قرارت خاطئة.
و تبدأ ملامح خطورة هذه الارقام ماليا، حيث تخطت نسبة الدين العام ال ١٥٠% من الناتج الاجمالي المحلي في نهاية عام ٢٠١٩، مع ما يقارب التسعين مليار دولار دينا عاما يزيد بسرعة هائلة نظرا للاوضاع السائدة حاليا، بحيث اصبح لبنان من اكثر الدول مديونية في العالم مع حلوله في المركز الثالث، خفض تصنيفه الائتماني الى مستوى قياسي عالميا مع درجة cc او عمليا حافة الافلاس.
اما الليرة اللبنانية فهذه احدى الارقام المخيفة التي نتحدث عنها ايضا، ففي حين ما زالت الدولة تتبنى قرار ربط العملة بالدولار الاميركي، على سعر الرسمي 1507 ليرات للدولار، نرى ان سعر السوق تخطى عتبة ال 3000 ليرة للدولار، مع انخفاض الاحتياط الاجنبي لمصرف لبنان الى ١٩ مليار دولار بخسائر فاقت ال ١٠ مليارات في العام الماضي فقط و ذلك في محاولة ابقاء السعر الرسمي ثابتا من خلال عملياته شراء و بيعا.
و بنظرة سريعة ايضا الى بعض الارقام الاقتصادية الاخرى في لبنان، فنرى الفرق الشاسع بين الاستيراد و التصدير و الذي يزيد من عجز الميزان التجاري، و نلاحظ زيادة نسبة البطالة الى ما يقارب ٤٠% نهاية العام الماضي بالموازاة مع ارتفاع نسبة الفقر الى ٣٠% ايضا، ناهيك عن التضخم و الكساد و الفساد، كما و عدم الثقة باغلب القطاعات الاقتصادية و المالية اللبنانية لاسيما القطاع المصرفي، كما و عدم ثقة المجتمع الدولي بقدرة لبنان على النهوض بعض المعضلات السياسية الاخيرة و تزايد نسبة الفساد في لبنان.
اذا فان لبنان على عتبة الانهيار الاقتصادي و المعيشي الكامل و الذي ممكن ان يؤدي علميا الى الانهيار الامني ايضا، لترابط الفقر و البطالة بمفهوم الامن بشكل عام، و اما على لبنان بجميع مكنوناته القبول بواقع تغييري اقتصادي و سياسي شامل، قد يؤدي الى اعادته الى سكة النمو من جديد.
بقلم د. خلدون عبد الصمد