يكثر الحديث حاليا عن موضوع الكابيتال كونترول، ومدى قدرته على تحسين بعضا من الانهيار الحاصل في لبنان، ومدى تقبله من فئات المجتمع اللبناني المختلفة، وقد بدأت فكرة الكابيتال كونترول بالظهور بعد الازمة الاقتصادية التي بدات في منتصف عام ٢٠١٩، ولم تستطع السلكة السياسية او المالية من الوصول الى نتيجة تجنب لبنان ازمته الحالية لعدة اسباب ليست خافية على احد، الا ان الفكرة هذه عادت بقوة بعد عودة اللقاءات المتكررة مع وفود البنك الدولي والمؤسسات المالية العالمية وممثلي الدول الصديقة، و ذلك بهدف تحقيق بعض الشروط الدولية وعلى رأسها الشفافية والاصلاح وسعر الصرف.
وبالرغم من ان السلطات المالية قد اوقفت التحويلات الى الخارج بعد ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩، منعا لتهريب الاموال دون حسيب او رقيب، الا ان هذا القرار جاء منقوصا حيث علت صرخات المواطن من اهالي الطلبة، ومن ذوي الاحتياجات للتحويلات الطبية، و بعضا من الامور الاساسية، اذ كان الاجدر بمن اتخذ قرار المنع ان يتخذه متوازنا، هذا ان سلمنا جدلا ان المنع قد منع حقا التحاويل التي حولها شكوكا بكيفية خروجها من لبنان لبعض النافذين.
واما من الناحية المالية، والتي لها تأثير كبير على الاقتصاد اللبناني، فعلى الكابيتال كونترول ولكي يكون فعالا، خاصة بعد هذا التأخير والذي تجاوز السنتين من جدوى اقراره، ان يراعي مسائل مالية اساسية، فان اعادة هيكلة المصارف هو الباب الاساس لاستعادة الثقة الخارجية والداخلية على السواء في القطاع المصرفي، مترافقا مع تحديد فترة اصلاحات محددة ولا يتجاوز النظام الاقتصادي اللبناني المعتمد، ولا يضر بصغار المودعين، كما يجب دراسة وضع كل مودع مهما يكن وفق دراسة جدية وبمتابعة القوانين النافذة لتحقيق الشفافية الكاملة لدى تحديد سقف السحوبات، وان لا يتوقف دور المصارف الاساسي في فتح الحسابات و القروض لما في ذلك من نفع على الدورة الاقتصادية الكلية، والى حين التمكن بعد فترة من اعادة الودائع الى اصحابها وتمكينهم رويدا رويدا من استقبال وارسال الاموال وفق قواعد الضرورة لعدم المس في حرية المواطن المالية، وهذا كله يجب ان يبنى بالتوازي مع متطلبات المجتمع الدولي لاسيما الاصلاحات والتي ستعيد بناء القطاع المصرفي والمالي وبالتالي القطاع الاقتصادي اللبناني ككل.
ان خطة النهوض اللبناني بحاجة الى تكاثف العمل بين جميع القطاعات الاقتصادية وبمراقبة القضاء الدائم لها حتى نقطة استعادة الثقة والتي هي الحجر الاساس للنهوض من هذه الازمة.
د. خلدون عبد الصمد