لاشك ان ازمة سعر صرف الليرة اللبنانية و انهيارها الحاصل الان، هو عمليا يعود لاسباب تراكمية و اسباب مستجدة، فسرعة هذا الانهيار هو نقطة الالتقاء بين سنوات من الفساد و سوء الادارة و استغلال السلطة و بين احداث مستجدة سياسيا و اقتصاديا.
فمنذ اتفاق الطائف و تثبيت سعر الصرف بما يوازي ١٥٠٧،٥ ليرة للدولار و بدء الاعمار مرورا باغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري و ازمة ٢٠٠٨ العالمية، و لبنان يعتمد بالكامل على الاتفاق السياسي بين الفرقاء الداخليين و الخارجيين لانعاش اقتصاده او على الاقل الابقاء على استقراره، فالازمات مهما كانت سياسية او اقتصادية تدفع لبنان الى محاولات حثيثة لايقاف تأثيرها على اقتصاده من خلال استنزاف المصرف المركزي و احتياطاته و سمعته، فتراكمت بالتالي الازمات المالية و النقدية الخفية و زادت مع اشتعال الثورة السورية و العقوبات التي طالت النظام السوري و بالتالي و نظرنا للعلاقة بين سوريا و لبنان تأثر الاخير سلبيا اكثر و اكثر و دخلنا في نفق التهريب من اموال و بضائع من و الى لبنان مما زاد من اثره على تدهور اقتصاده، وصولا الى تشكيل حكومة لا ترضي الداخل و الخارج على السواء، فجاءت قرارات وقف المساعدات، الى ان اتت الضربة الاخيرة الا وهي قانون قيصر الذي لابد له ان يرخي بظلاله على الاقتصاد اللبناني الى مرحلة سوداء في الاقتصاد اللبناني.
اضف الى ذلك الديون المتراكمة و خدمتها العالية الثمن و ازمة الكهرباء و المحاصصة في المشاريع الحياتية الاساسية و فقدان الثقة بالمصارف و بالتالي بالعملة الوطنية و تحليق سعر الصرف الى ارقام غير مسبوقة مع عجز الدولة عن الحد منه، مما ضرب المجتمع اللبناني بالكامل و بكل فئاته.
و يبقى الامل في الاصغاء الى صوت الشعب الذي تفجر في ١٧ تشرين و الدعوة الى سماع مطاليبه و العمل على تحقيق اهداف هذه الثورة التي لخصت واقع اللبنانيين بظهور عفوي حبذا لو يسمعه المسؤولين سياسيا و اقتصاديا نظرا لترابط الواقع الاقتصادي و السياسي في لبنان منذ بداياته.
د. خلدون عبد الصمد