في أجرأ حوار فني هذا العام، كشف الملحن نور الملاح عن رأيه بصراحة بالفن اللبناني، منذ مرحلة الأخوين الرحباني، وصولا الى استوديو الفن والمخرج سيمون أسمر، وانتهاء بأبرز فناني الجيل الجديد، متحدثا عن فضائح فنية بالأسماء والوقائع والأغاني، ومبرزا عتبه على الفنان جورج وسوف والفنانة ماجدة وسواهما ممن تعامل معهم.
استهل زافين المقابلة مع الملحن نور الملاح بالتعريف عنه بانه صانع الاغنية اللبنانية الجديدة بالسبعينيات وصانع نجوم هذه المرحلة الفنية، وينتمي الى الجيل الثاني من الملحنين اللبنانيين: من بعد الاخوين الرحباني وفيلمون وهبي ووديع الصافي وتوفيق الباشا وروميو لحود. وقد أكد نور الملاح ان اللحن هو من يصنع المغني معطيا الفنان المعتزل ربيع الخولي كمثال، واعتبر انه بألحانه جعل مدخول الخولي من الفن يزيد بأضعاف، مضيفاً أن هناك الكثير من الفنانين الذين يملكون الموهبة ولكن لم ينجحوا.
واعتبر الملاح ان الفنان ملحم زين من الأصوات المهمة وهو مطرب خاص ولكن موضوع التعاون بينهما فنياً هو مسألة توقيت.
وعن آخر أعماله وعن الخلاف حول أغنية “وصفولي عيونك” أكد انه أعطى الاغنية لرامي عياش بلحن جديد وأن لا شيء يجبره بالقانون على عدم إعطاء اللحن لاكثر من فنان، مؤكدا ان الفنانة سمية بعلبكي غابت من دون أي عذر بسبب زواجها “ولهذا أعطيت الاغنية لعياش بعد سنتين من فقدان أي اتصال ببعلبكي”.
الملاح قال انه لم يعرض على الفنان رامي عياش اكثر من اغنية ولكن اعتبر أغنية “وصفولي عيونك” ملائمة له، وكان قراره صائباً فرغم ان الاغنية طربية ولكنها رقم واحد في المغرب ومصر وحققت مليون و300 الف مشاهدة على “اليوتيوب”.
وعن وضع الاغنية اللبنانية قال نور الملاح ان الاغنية اللبنانية تتجه من السيئ الى الأسوأ، فهي لا تتجدد و”الاغنية تخبرك عن نفسها بنفسها فللأسف وسائل الاعلام تقبض المال من هب ودب لتخدش آذان المستمعين بأغان تفرض عليهم”، مضيفا ان لا تصنيف في الاغنية اللبنانية، فالجمهور مجبور بالاغاني اللبنانية الموجودة اليوم
وأضاف:”كل الفنانين اليوم متأثرين بغناء الساحل السوري وما يفضح الأغاني هو المتركاج المتواصل …من دون ان أظلم البعض. هناك جيل جديد متشابه واللي ما عنده كبير يشتري كبير”.
عن فترة “استديو الفن” قال ان النجوم الذين ساهم في نجوميتهم كانوا قد تخرجوا من البرنامج ولم ينجحوا، وأكد ان البرنامج كان كذبة لناحية لجنة التحكيم الذي كان عضواً فيها، فالمخرج سيمون اسمر هو من يقرر من يريد ومن لا يريد ولم يأخذ يوما بالعلامات التي يضعها الحكام، ولم يوفق دائما في خياراته للنجوم المتخرجين. مؤكدا ان المشاركين الذين نالوا المرتبة الأولى في البرنامج همشوا بعكس الفنانين الذين حصدوا مراتب أقل كغسان صليبا الذي كان في المرتبة الثانية ووليد توفيق الذي حقق المرتبة الثالثة اما من حصد المرتبة الاولى فهاجر ولم يكمل في مجال الفن. مضيفا أن “سيمون اسمر كان رئيس جمهورية الفن، أما البرامج مؤخرا هي برامج مقتبسة وليست صانعة نجوم”.
وعن شركة “روتانا” الموسيقية اعتبر الملاح ان الشركة كانت مهمة ولكنها تتراجع يوميا، “كان هناك فيتو من قبلها علي وعلى ملحم بركات ولا اعرف السبب، ولكن يمكن ان احلله بانهم لا يريدون الصواب ولا يريدون أغاني محترمة ويريدون السيطرة والدليل أخذوا كل الأصوات المعروفة المحترمة بهدف دعم الأغاني الخليجية والفنانين الخليجيين.. وربما اعتبروا اننا نشكل خطرا عليهم اكثر من غيرنا”.
وردا على سؤال أكد الموسيقار الملاح انه من مصر تأثر ببليغ حمدي وبمحمد عبد الوهاب ولكن في لبنان تأثر فقط بالفنان زكي ناصيف، أما الاخوين الرحباني فلهما وزن فني ولكنهما مرتبطين بفيروز فقط لا غير. “زكي ناصيف هو الفلكلور اللبناني لأنه عايش القروي فعلا، اما الاخوين الرحباني فاغانيهم كلاسيكية”.
حصل نور الملاح على تصنيف من الإذاعة اللبنانية سنة 1973 كمغن وملحن وكان من اخر دفعة يجري تصنيفها بالاذاعة الرسمية قبل الحرب.
واعتبر ان ابنته كريستيل موهوبة وهي فنانة ولكنه لا يتدخل في خياراتها الفنية، “فانا انتظر ان اقدم ما يلائم صوت ابنتي، ونحن اصغر من ان نؤلف بوطة او عصابة سويا”.
عن الفنانة الراحلة صباح قال نور الملاح انها الوحيدة التي “ليس لي فضل عليها وخلافها مع فيلمون وهبي هو الذي اكسبني التعاون معها”. واكد ان الشائعات طالتهما كثيرا باعتقاد الناس انهما تزوجا سرا، ولكنه اكد ان علاقتهما لم تتعد الصداقة وانه هو من قربها من وسيم طبارة وانها استشارته في زيجاتها، مشيرا الى انه وفنيا فان صباح تمثل الكلمة واللحن والصوت الذي له علاقة بالقرية اكثر من فيروز، وهي تركت أثرها على الأغنية اللبنانية أكثر من فيروز.
الملاح اعتبر ان المشكلة في الوسط الفني “انني اذا لم احبك انكر كل وجودك واذا كنت احبك ولدي مصلحة معك اصنع منك النجم”، مشيرا الى انه تعرض للنكران من اقرب الناس الذين ساهم في شهرتهم مثل جورج وسوف “الذي لم يذكر اسمي يوما، وماجدة الرومي التي لم تشارك في تكريمي واعتذرت وكأنه ينقص من هويتهم ان يذكروني… وحتى ربيع الخولي ذكر في مقابلة أجريت معه أشخاصا كثيرين ولم يذكر نور الملاح، ربما انا عدوهم ولا أعرف ما السبب”. مضيفاً ان اغنيته تتحدث عن نفسها، “فانا أخزّن الكثير من الاعمال الفنية وأخاف ان ارحل ولا احقق ما احلم به، لاني في لبنان وهنا لا يمكن ان نحقق ما يعطينا الرب من عطاءات، فلبنان مقبرة للفنانين”.
ومن الفنانين الجدد رأى الملاح ان ملحم زين ومعين شريف وزياد برجي على رأس القائمة ومن الأصوات المهمة.
اما عن تعاونه مع الفنانة ماجدة الرومي قال: “كان الأخوان الرحباني يريدان ان تكون فيروز الثانية أما انا فعملتها ماجدة الأولى”. مشيرا الى انه هو من عرّفها على الفنان احسان المنذر واقنعها بان تأخذ الحانا منه. واكد انه طٌلب منه في البداية الحان اوبرالية لصوتها ولكنه ذهب الى الالحان الرومانسية وروى كيف لحن أغنية “خدني حبيبي” وتشاور مع الشاعر هنري زغيب صاحب الكلام فاقترح عليه اضافة مقطع طربي شعبي، وكان “يا سنيني لا تنسيني” المختلف في الاغنية. وأضاف: “انا درست صوت ماجدة الرومي ونوعيته وكيفية تفاعلها، فالهوية الفنية هي الأساس، كجواز السفر”.
اما عن الفنان جورج وسوف فقال ان تعاونهما الأول في “حلف القمر” هو الذي أعطاه هوية فنية وقد لحنها بعد ان تعرف عليه وعلى شخصيته وصوته، وقد رفض الوسوف بداية اول اغنيتين ولكن احمد المولى ومحمد اللبان اقنعاه بالالحان. وأضاف بان جورج وسوف كان خائفا عند تسجيل الأغاني بحضور الملاح. وردا على سؤال توجه نور الملاح لجورج وسوف بالقول: “الله يطول عمرك وانت سلطان كبير وشخصية كبيرة ولكن لا تنكر الحاني وعطائي”.
واعتبر الملاح انه يريد ان يحقق ما لم يحققه حتى اليوم مع ابنته كريستيل لانها مثقفة فنيا وتملك الموهبة، ولكنه لم يتعاون معها حتى الآن لأنه لا يريد أن يؤثر على مسيرتها الفنية “فهناك من يريد ان يحاربني بابنتي ومن يحاربني لا علاقة له بالفن”.
وفي الختام اكد الموسيقار الملاح انه يحلم بان يأخذ الفنان في لبنان حقه وان يكرم، متسائلا عن من يتذكر اليوم الموسيقار الراحل ملحم بركات؟ وأضاف: “انا جبار وعنيد ومغامر وطالما أعيش انتظروا مني كل العجايب”.